التفسير المختصر لسورة (الفلق) القرطبي

[color:5edb="Purple"] التفسير المبسط لسورة(([color=magenta]الفلق)) من الكتاب القرطبي

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ *
وَمِن شَرِّ النَّفَّـثَـتِ فِى الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
فيه تسع مسائل

الأولى:_روى النسائي عن عُقبة بن عامر قال:أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكب : فوضعتُيدي على قدَمه، فقلت أقرئني سورة( هود) أقرئني سورة يوسف. فقال لي: و لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )) و عنه قال : بينا أنا أسير مع النبي صلى اله عليه وسلم بين الحُجْفة و الأْبواءِ، إذا غشيتنا ريح مظلمة شديدة ، فجعل رسول الله يتعوذ بـ (( أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )) agenta]](( أعوذ برب الناس))
و في صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا إشتكى قرأ على نفسه بالمُعَوِّذتين ويَنْفُثُ ،فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه و أمسح عنه بيده رجاء بركتها . النَّفْث: النفخ ليس معه ريق .

الثانية _ ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سحره يهودي من يهود بني زُريق يقال له لَبِيد بن الأعصم ، حتى يُخًيّل أليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث _ و في غير الصحيح :بسنةـ ثم قال : ((يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه . أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي و الأخر عند رِجلى فقال (( الذي عند رأسي للذي عند رجلى)) ما شأن الرجل مطبُوب:يعني (مسحور) قال ومن طبّه قال لَبيد بن الأعصم قال فيما ذا قال مُشْط و مشاطه و جُفّ وطلعةٍ :يعني((الجف الغشاء الذي يكون على الطلع و يطلق على الذكر و الأنثى)) ذكر تحت راعوفة يعني ((حجر نائي على رأس البئر لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقى و قيل في أسفله))في بئر أروان يعني (( و قيل ذروان و هي بئر في المدينة في بستان بني زريق)) فجاء البئر و إستخرجه . إنتهى الصحيح
في روايت أبن عباس :
((أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبر بدائي )) ثم بعث عَلِيًّا و الزبير وعمار بن ياسر فترحوا ماء تلك البركة كأنه نقاعة حناء ، ثم رفعو الصخرة و هي الراعوفةصخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح يعني((الماتح بالتاء المثناء من فوق و هو المسقي من البئر بالدلو من أعلى البئر أما المائح بالهمز فهو الذي يكون في أسفل البئر يملا الدلو))، و أخرجو الجُفّ فإذا مُشاقة رأس أسنان ، و أسنان من مشط و إذا وَتَر معقود فيها إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر، فأنزل الله هاتين الــــــــــــسورتين ، و هما إحدى عشرة أية على عدد العُقَد, و أمر أن يتعوّذ بهما ، فجعل كلما قرأ أية إنحلت عقدة،
ووجد النبي ّ صلى الله عليه و سلم خِفّة ، حتى انحلت العُقَدة الأخيرة فكأنما أُنْشِط من عِقال، و قام ليس به بأس . وجعل جبريل يَرْقِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول ((بأسم الله أَرْقِيك من كل شىء يؤذيك ومن شر حاسد و عين الله يشفيك)) . فقالو يارسول الله، ألا نقتل الخبيث . فقال ((أمّا أنا فقد شفاني الله و أكره أن أثير على الناس شرا))

الثالثة: تقدم في سورة البقرة القول في السحر وحقيقته و ما ينشاء عنه من الالام و المفاسد، وحكم الساحر
راجع كاتب القرطبي ج2 ص43

الرابعة _ قوله تعالى ((الْفَلَقِ)) اختلف فيه ؛ فقيل : سِجْنٌ في جهنم ؛ قالها ابن عباس. و قال أُبَيّ بن كعب : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره . و قال الحًبًلِىّ أبو عبد الرحمن: هو اسم من أسماء جهنم . و قال الكلبي : واد في جهنم . و قال عبد الله ابن عمر : شجرة في جهنم
سعيد بن جُبير : جُب في جهنم . النحاس : يقال لما اطمأن ّمن الأرض فلق
فعلى هذا يصح هذا القول . وقال جابر بن عبد الله و الحسن و سعيد بن جُبير أيضا و مجاهد و قتادة و القرضي و أبن زيد: الفلق الصبح و قاله أبن عباس
تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح و فرق الصبح

و قيل الفلق : الجبال و الصخورتنفلق بالمياه ؛ أي تتشقق . وقيل :هو التفليق بين الجبال و الصخور ، لأنها تتشقق من خوف الله عز وجل

و قوله من ((شَرِّ مَا خَلَقَ )) قيل : هو إبليس و ذريته . و قيل جهنم و قيل عام ، أى من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل

الخامسة _ قوله تعالى (( وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ )) اختلف فيه ؛ فقيل : هو الليل . الغسق : أول ظلمة الليل ؛ يقال منه : غَسَق الليلُ يَغْسِق أي يظلم
قال قيس الرقيات:
أِنّ هَذا الليْلَ قَدْ غسَقَا * و اشْتَكَيْتُ الْهَم و اَلْأرَقَا

هذا قول ابن عباس و الضحاك و قتادة و السدي و غيرهم . و ((وَقَبَ )) على التفسير أظلم ؛قاله ابن عباس

وقيل : نزل ؛ يقال : وقب العذاب على الكافرين .

و قال قتادة(( إِذَا وَقَبَ )) ...إذا غاب و هو الأصح لأن في الترمدي عن عائشة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر فقال : يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب .. قال أبو عيسى حديث حسن صحيح

السادسة _ قوله تعالى ((وَمِن شَرِّ النَّفَّـثَـتِ فِى الْعُقَدِ )) يعني الساحرات التي يَنْفُثن في عُقد الخيط حين يرقين عليها . شَبّه النفخ كما يعمل من يَرْقي

السابعة _ روى النَّسائى عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من عَقَد عُقْدة ثم نَفَث فيها فقد سَحَر ومن سَحَر فقد أشرك و من علق . يعني((من علق شيئا من التعاويد و التمائم معتقد أنها تجلب إليه النفع أو تدفع عنه الضر)) و من علق شيئا وُكل إليه)

الثامنة_ قوله تعالى((وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )) الحسد .و أنه تمنى ِّ زوال نعمة المحسود و إن لم يصرللحاسد مثلها . و المنافسة هي تمنى مثلها و إن لم تزل . فالحسد شر مذموم . و المنافسة مباحة و هي الغِبْطة . و قد روى أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال التفسير المختصر لسورة (الفلق) القرطبي Frown

التفسير المختصر لسورة (الفلق) القرطبي Frown

( المؤمن يَغْبِط و المنافق يَحسْد))
و في الصحيحين : ((لا حسد إلا اثنتين )) يريد به الغبطة

التاسعة_هذه سورة دالة على أن الله سبحانه خالق كل شر ، و أمر نبيه صلى الله عليه و سلم أن يتعوذ من جميع الشرور . فقال ((من شر ما خلق)) و جعل خاتمة ذلك الحسد .تنبيها عِظَمة و كثرة ضرره . و الحاسد عدو نعمة الله .

وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ثلاث لا يستجاب الله دعاءهم آكل الحرام و مُكثِر الغِيبة و من كان في قلبه غِلّ أو حسد للمسلمين )) و الله أعلم

و إن كان خطاء فمن نفسي و الشيطان و إن كان صواب فمن الله وحده

جزاكم الله خير

شكرا على مرورك يا روز